أخبَرته فى حديثهما الأخيْرَ ، أنَّ الأطبَاءَ لا يجدونَ علاجًا لها وأنَّ السّاعةَ الحاسمَةَ قد اقتربَتْ .. حبُّ ظلَّ زهاءَ ثلاث سنواتٍ دونَ كللٍ أو مللٍ ! بدأ فى البكاءِ وشعرَ بالعجزِ - قائلاً : كيْفَ سَأعرِفُ إذنْ أنَّكِ قدْ فارقتِ الحياةَ ؟
قالتْ : لقد أخبَرتُ أقاربي بكلمةِ السّرِ الخاصة بحسابي على الفيس بوك ؛ وسوفَ ينشرونَ نعى وفاتي .. حيْنها توقفْ عنْ مراسلتي ؛ فلَنْ أستطيْعَ الردَّ !
لا ينقصُني الإَّ أنتي ؛ كي أنحتَ موّال العشْقِ الأبدي على هواءِ مدينتنا الأرجوانية ، نعبَثُ فى ضميْرِ السّحبِ .. تأكيدًا على أنَّ المَطَرَ فضاءٌ للحبِّ لحظةَ العطشِ والشّوقِ !
قبلةٌ على وجهِ الكونِ ، وتعيدُ ترتيبَ الضوءِ فى عيونِ الْمَارةِ ، الشمسُ تدهِنُ جِلْدَهَـا بزبدِ الشروقِ ، والقمرُ اشبيْنُ ليلتِها ، كلَّ النظرياتِ تؤكِدُ أنَّها استحالةٌ فيزيائية وهرطقةٌ وجدانية !
إنَّها فتاتي التى أطعمتني قصيْدةَ المعني ، وحرّرتِ البَحرَ فى عيني يماماتٍ ينسجنَ المدى لحظةَ الطيرانِ ، إنَّها الشئ واللا شئ ، قريبةٌ بطعمِ البعدِ ، وبعيدةٌ بنكهة الإقترابِ !
أخرَجِتِ الـ كاميرا مِنْ شنطتِهَا ؛ راحتْ تجولُ على صفحاتِ وجوه الموجودينَ بالقَاعَةِ الإَّ أنا ! ؛ فقدْ كانَ الضوءُ محنيًـا على جبهتي .. وحيْنَمَـا همَّتْ بالرحيْلِ ؛ تسلّلتُ خلفها وافتعلْتُ حديثًـا ؛ ثمَّ رجِعتُ الى المنْزِلَ وكتبْتُ فيْهَا قصيدةً ، كانَتْ (حقيقةً / ووهمًـا / ومجازًا) !
جلسَتْ الى جواري ، وشَرَعتُ فى الكِتَابَةِ .. فكتبْتُ : "كمْ أودُّ تقبيلها بعنفٍ" ! ثمَّ ذهبَتْ بيْنَ زِحامِ القاعَةِ ، تاركةً ورائهَـا آبارَ عِطرِها .. ولَمْ تعرِفْ ماذا كتبْتُ عنْهَا !!
ربما لأنَّني لَمْ أدخل السّماءَ مِنَ الممرِّ الأرضي ، تعلّمتُ أنَّ المرأةَ معادلةٌ غيْرَ مذكورةٍ فى كتبِ الرياضياتِ ، حرفٌ مدغمٌ فى لغةِ الكونِ العتيقةِ ، إنَّ الحربَ المقدّسةَ فى بلاطِ الأنثى بيْنَ اللا منطقَ و اللا جنون ؛ يأخذُ أولى مستوياته عِنْدَمَـا تقولُ المرأةُ للرجلِ :"أحبُّكَ" !!
الشاعر محمد الأزهرى
تخجَلُ كثيرًا عِنْدَمَـا أداعِبُ عينيها ، لكنَّني أتنفّسُها صبَاحًا و مساءً ، وأزيلُ ورقةَ التوتِ الأخيرةِ عَنْ شفتيها لحظةَ الصّمتِ .. فيجيئ الأفقُ مطويًـا على خصرِ كلماتِها أعذبَ مِنْ قصيْدةٍ !